الخرطوم : السودان الحرة
تقرير: محمد جمال قندول
لا تبدو الاوضاع داخل حزب الامة القومي على ما يرام، حيث ان الخلافات كما يصفها المتابعون أو قل التباينات بحسب توصيف قيادات المكون العتيق، تخرج بين الحين والآخر من دائرة السر للعلن، الامر الذي قاد لتساؤلات مهمة عن مصير كيان الانصار السياسي وحزب الامام الراحل الذي في طريقه صوب التشرذم والتصدع حال لم تتجه قياداته لعقد مؤتمر عام.
وشكل حزب الامة جدلاً واسعاً منذ رحيل عرابه، حيث بدا واضحاً نشوء تيارات داخله واختلاف التقديرات السياسية لقياداته حيال المواقف السياسية، وثمة صراع مكتوم يدور في سوح الامة قد يفضي الى تغييرات دراماتيكية خلال الفترة المقبلة تحاول (الانتباهة) قراءتها لكم.
منشور تنظيمي
في الاول من فبراير الماضي دفع (50) عضواً من المكتب السياسي بمذكرة لرئيس الحزب المكلف اللواء فضل الله برمة ناصر، حيث اعلنوا رفضهم المنهج الذي يدار به الحزب وانفراد الأمين العام بالقرار داخله.
وكشفت مصادر متطابقة لــ (الانتباهة) ان المذكرة التي دفع بها قبل شهر طالبت باجراء اصلاحات داخل الحزب والنظر في طريقة التعامل التي ينتهجها الامين العام في ما يتعلق بمواقف مطالبين بتشكيل الهيئة المركزية، ليرد الواثق بعد ايام بمنشور تنظيمي يحجم ادوار رؤساء الحزب في الولايات.
واضافت المصادر أن اجتماع المكتب السياسي مساء أمس الاول (السبت) حسم من خلاله رئيس الحزب فضل الله برمة ناصر مظان الجدل والغي منشور الامين العام التنظيمي واصدر قراراً بتشكيل الهيئة المركزية.
شؤون الحزب
وبحسب اللوائح التنظيمية فإن الهيئة المركزية يحق لها التعديل في الهياكل التنظيمية واعفاء الامين العام وانتخاب بديله ومساعدين له، ومن واقع المؤشرات فإن حزب الامة يشهد صراعاً تنظيمياً قد يشهد لاحقاً ابعاد الواثق البرير وانتخاب امين عام جديد، خاصة ان هناك ما عكر صفو العلاقة بين الواثق وقيادات حزبه، وهنا يذهب مراقبون الى ان الامين العام كان قد كال الانتقادات ورفض وجود قيادي عمل في نظام البشير والتدخل في شؤون الحزب، وهو ما جعل البعض يشير الى حديث البرير المسرب عبر مقطع فيديو بانه يقصد نجل الامام الراحل اللواء عبد الرحمن الصادق الذي كان مساعداً للرئيس الاسبق البشير، الامر الذي اغضب ابناء وبنات الراحل الامام الصادق.
ويصطف البرير في الخط الذي يقود الامة في العملية السياسية الجارية بين المكون العسكري والمجلس المركزي واحزاب اخرى، فيما هنالك تيار آخر بدأ يجد اصطفافاً واسعاً يرى ضرورة خروج الامة من المجلس المركزي والانسحاب من الاتفاق الاطاري واحياء المبادرة التي دفع بها الامة قبل أشهر وتدعو لحوار شامل لا يستثني أحداً.
المواقف السياسية
ويمر حزب الأمة بتعقيدات داخلية كبيرة منذ رحيل الامام الصادق المهدي، حيث بدا ذلك واضحاً من وحدة تقدير المواقف السياسية للكيان العتيق، وهو ما تمخض عنه انسحاب القيادي الكبير ابراهيم الامين من المشهد بتقديمه استقالته من منصبه كنائب للرئيس في منتصف العام الماضي، ثم اعقبه نائب رئيس الحزب الفريق صديق اسماعيل باستقالة، غير ان قيادة الحزب تداركت الامر واثنت الجنرال عن قراره وجعلته يتراجع عن قراره.
وقبيل أسبوعين اعترف رئيس المكتب السياسي لحزب الامة محمد المهدي الحسن في مقابلة مع (الانتباهة) بوجود تيارين داخل التنظيم، حيث ان هنالك مجموعة تصطف مع العملية السياسية، فيما ترى مجموعة اخرى ضرورة الانسحاب من الاتفاق الاطاري.
وظلت قيادات الحزب من رئيسه وحتى الادنى يعترفون بوجود ما يصفونه بـتباين واختلاف في وجهات النظر، غير ان واقع كيان الانصار السياسي لا يبدو في وضع داخلي مريح، في وقت تعلو فيه الاستفهامات حول مصير المؤتمر العام الذي شكل له رئيس الحزب لجنة تعمل على اجراء الاستعدادات والتجهيزات له.
من الرئيس القادم؟
وثمة تساؤل عن هوية من يخلف الراحل الصادق المهدي رئيساً منتخباً، خاصة أن برمة ناصر قد ابدى زهده في المنصب حال وصل الامة لطريق المؤتمر العام، فيما تتداول مجالس الانصار ان اللواء عبد الرحمن الصادق المهدي هو الاقرب لخلافة والده، وذلك من واقع نشاطه الكبير، بجانب تقلده منصب نائب رئيس لجنة الحل والربط بمجلس الانصار خلال الاشهر الاخيرة، كما انه يحظى باحترام قيادات الحزب بالولايات، وبدا ذلك واضحاً من خلال الجموع التي تحتشد لاستقباله.
ورغم ان عبد الرحمن لم يتحدث صراحةً في اي منبر عن ترشحه، ولكن ثمة مؤشرات تؤكد ان الجنرال سيتقاعد عن القوات المسلحة فور تحديد ميقات زمني لانعقاد المؤتمر العام، وسيخوض سباق الترشح لخلافة والده، خاصة انه بات اكثر نضجاً، كما انه استفاد من عمله مساعداً للبشير في القصر الرئاسي لاكثر من دورة، فضلاً عن تصنيفه من النخب السياسية وكوادر الانصار بالمعتدل والوسطي، مقارنةً بابناء وبنات الامام الذين لم يستطيعوا الاجماع على الامير الصغير كما يلقب عبد الرحمن وسط الانصار.
تذمر داخلي
ويعاني حزب الامة من حالة فراغ عريض، فلم تستطع النخب بداخله ملء فراغ رحيل المهدي، حيث بدا واضحاً ان ثمة ارتباكاً وصراع اجنحة بداخله، حيث ان هنالك قيادات تصطف خلف مركزية الحرية والتغيير وتوجهاتها، ومن ضمنهم الواثق البرير والصديق الصادق رئيس القطاع الاقتصادي ود. مريم الصادق المهدي، فيما هنالك اصطفاف (الميري) كما يصفه انصار المجموعة الاولى التي تضم (عبد الرحمن ــ برمة ناصر ــ الفريق صديق)، بجانب تمدد التذمر الداخلي خاصة من رؤساء الحزب في الولايات من موقف الحزب وانجرافه صوب اليسار دون احترام تاريخ المكون العتيق، الأمر الذي نشأت بسببه خلافات وتباينات في المركز والولايات.
المصدر : صحيفة السودان الحرة