تراجعت آمال السودانيون بعد تشدد الولايات المتحدة، في استمرار تعليق مساعدتها المالية للخرطوم عقب الاتفاق السياسي الذي أبرم الأسبوع الماضي، بين المكون العسكري ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك.
وأفرزت الإجراءات التي قام بها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين أول الماضي تأثيرات دولية، أبرزها تعليق واشنطن للمساعدات المالية بجانب تعليق البنك الدولي لبرنامج دعم الأسر السودانية (ثمرات).
واشتملت إجراءات البرهان، فرض حالة الطوارئ في البلاد وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة واعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، ووضع رئيس الحكومة عبد الله حمدوك، قيد الإقامة الجبرية.
إلا أن حمدوك عاد في 21 نوفمبر/تشرين ثاني الجاري، ووقع اتفاقا جديدا مع البرهان (رئيس مجلس السيادة) لتقاسم السلطة مع المكون العسكري؛ ويسمح الاتفاق المكون من 14 بندا بالإفراج عن السجناء السياسيين.
بيد أن هذه الخطوة، لم تجد قبولا لدى الإدارة الأمريكية لعودة الدعم المالي الذي علقته واشنطن في 27 أكتوبر الماضي، عندما علقت مساعدات مالية بقيمة 700 مليون دولار عقب الإجراءات التي أعلنها قائد الجيش.
والأسبوع الماضي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، تعليقا على الاتفاق الذي تم بين البرهان وحمدوك: “هذه خطوة أولى، ولا يجب أن تكون خطوة أخيرة”.
وأضاف أنه لن يتم استئناف تقديم المساعدات، معتبرًا أن “هذه القرارات ستعتمد كليًا على ما سيحدث في الساعات والأيام والأسابيع المقبلة”.
الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، عاصم إسماعيل، أكد أن استمرار الدعم من عدمه يتوقف على دور الحكومة المقبلة واستمرارها بنفس النهج الذي يفضي إلى تعاون المجتمع الدولي وعودة الدعم.
ووفقا لحديث إسماعيل مع الأناضول، فإن ما جعل الأمريكيين يوقفون الدعم، هو الانقلاب العسكري الذي حدث في أكتوبر الماضي.
وقال بهذا الخصوص: “واشنطن ما زالت ترى أن الواقع السوداني يدار بواسطة العسكريين، على الرغم أنها تراجعت عن طريقتها في كيفية إدارة السودان، بقولها إنها حريصة على الشراكة”.
ونوه إلى أن الإدارة الأمريكية ترغب في معرفة تكوين الوزارات، ومن هم الوزراء الجدد، ونبه إسماعيل إلى وجود مخاوف من عودة بعض أنصار حزب المؤتمر الوطني المحلول.
ولفت إلى أن قرارات حمدوك من إقالة وتعيين لبعض قيادات الأجهزة الشرطية والأمنية، عبارة عن رسالة مهمة للخارج بامتلاكه زمام الأمور وأن الحكومة المدنية هي المسؤول الأول في البلاد.
وأصدر حمدوك السبت الماضي، قرارا بإعفاء مدير الشرطة الفريق أول خالد مهدي إبراهيم، ونائبه الفريق الصادق علي إبراهيم من منصبيهما.
في المقابل يرى المحلل الاقتصادي، هيثم محمد فتحي، أن الأحداث السياسية منذ 25 أكتوبر، ساهمت في أن تعلق وتوقف بعض الدول المانحة مساعدتها المالية للسودان.
وقال فتحي للأناضول، إن هذه الدول وعدت وتعهدت في السابق بدعم السودان ماليًا، عقب الإصلاحات الاقتصادية التي طبقتها البلاد منذ نهاية العام الماضي، باتفاق مع البنك وصندوق النقد الدوليين.
وأوضح أن هذه الدول تعهدت بدعم برامج اجتماعية وبرامج حماية، لتخفيف آثار هذه الاصلاحات على الشرائح الضعيفة.
وتابع: “هذه الوعود من قبل المؤسسات الدولية ودول الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة، تم تعليقها بعد الإجراءات التي قام بها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان”.
واعتبر أن معظم المؤسسات والدول رهنت استئناف الدعم بعودة حمدوك مرة أخرى للمشهد السياسي، ألا أن فتحي توقع بعودة المساعدات مرة أخرى عقب الاتفاق السياسي الذي تم بين رئيس المجلس السيادي ورئيس الوزراء.